أجوبة كثيرة تطارد أسئلتها، وجواب السؤال: لماذا ندوّن؟ تستوجب ضبط التعريفات في مجال التدوين وتقديم الإجابات الوافية: ما هي المدوّنة وما الفرق بينها وبين الموقع؟ وما هو التّدوين وأهدافه؟ وما هي أنواع المدونات؟ وما هي منصات التدوين؟ ولماذا مدونة البلوغر وليس غيرها؟... ولكنني اخترت أن أستبق الأسئلة "البديهية" التي يطرحها أيّ قارىء لم يخض بعدُ تجربة التدوين، لأجيب عن السؤال: لماذا ندوّن؟

لنتّفق أولا أن الأنترنت صار بيئة نتعاظى أوكسجينها يوميا، حتى أن تعطّل الأنترنت أو انقطاعها لساعات أو أيام يسبّب تحسّرا وضيقا للكثيرين.. وربما أن هناك من لا يستطيع تصوّر يومياته بلا أنترنت. إذا اتفقنا على هذه النقطة، فقد سلّمنا ضمنيا بأننا صرنا متلقّين وأشبه بأوعية تمتلك قابلية كبيرة للإشباع.. وإذا أخذنا في الاعتبار الفروقات الشخصية المتعلقة بمستوى الوعي وعمق التفكير وطريقة التعاطي مع ما نتلقّاه في مجالات الاهتمامات التي نغرق فيها على الأنترنت، فسندرك "خطورة" الأنترنت على " إعادة جدولة" تفكيرنا ورؤيتنا للقضايا والمسائل وو.. بمعنى آخر، هناك شخصية إلكترونية تتشكّل ملامحها وعناصرها تبعا لما نتلقاه من الأنترنت وتبعا لما نتأثّر به وو.. فهل نكتفي أن نكون متلقّين وفقط؟. ربما أن المنتديات والشبكات الاجتماعية تتيح مساحا للحوار وو.. ولكن هذا الأمر ليس له حضوره الفاعل في تفعيل الشخصية الإلكترونية، لأننا اغالييا ما لا نستطيع قول كل ما نريده أو " سياسات" هذا الفضاء الإلكتروني أو ذلك تكبح " تدفّق افكارنا" أو لا تستوعب رؤانا وطروحاتنا.. لأجل هذا أقول: يجب ان ندوّن.
يجب أن نمتلك فضاءاتنا الإلكترونية الخاصة التي نمارس فيها كامل حريتنا ونصنع "جمهورنا الخاص" ونوثّق أفكارنا وكتاباتنا وو.. والأهم لنمنح "شخصيتنا الإلكترونية" أن تتشكّل بكل استقلالية وعلى المنحى الذي توافق توجّهاتنا وما نعتقد فيه أو نؤمن به.. ندوّن كي يكون لنا عالمنا الخاص بين هذه العوالم، وحضورنا الفاعل، وأيضا ندوّن كي لا نكون متلقّين وفقط ولكن لنكون مرسلين ومتفاعلين ومحاورين وو.. ومنطلقين من فضاءاتنا الخاصة. وأكاد أجزم أن من لا يمتلك مدوّنة فهو معدوم الهوية على الأنترنت، وسياحته في عوالم الآخرين هي استنزاف لوقته، ربما على حساب أسرته وأمور حياته..
هل أضاء هذا المدخل بعضا من الجانب المُظلم للسؤال: لماذا ندوّن؟ أتمنى ذلك، وسيكون لنا مصافحة أخرى في إضاءات أُخر.

0 التعليقات:

إرسال تعليق